عبدالعزيز مشري حلم الأعمال الكاملة

  • الجمعة مارس 27, 2020
  • 0 تعليق
عبدالعزيز مشري حلم الأعمال الكاملة

في بيتين من الشعر تعيد كل المنزّحين والمهجّرين والمغتربين إلى أوطانهم، فلا تثق في السلاح ولا الرصاص والفتك النووي
عبدالعزيز مشري

كم مضى منذ أن رحل الروائي عبدالعزيز مشري رحمه الله؟! ربما أكثر من عقدين من الزمن..

وفي مايو من كل سنة تأتي ذكراه، يتذكره أحبابه والأصدقاء، وتبقى مجرد ذكرى نبيلة ومؤلمة، ثم ينكفئ كل شيء..

عندما انطلقت المبادرة وبدأ تكوين الفرق، اخترنا رموز الرواية العربية كنجيب محفوظ، والطيب صالح، وعبدالرحمن منيف، لتكون أسماءهم ملهمة للفرق؛ الصديق علوان السهيمي اختار الروائي عبدالعزيز مشري ليكون اسم فريقه، حتى عندما تقلّص عدد الفرق من ستة فرق إلى ثلاثة في النسخة الثانية، أصرّ علوان على اسم فريقه، الجميل أن أغلب أعضاء هذا الفريق هم من نشرت أعمالهم في النسخة الأولى!

لنعود للذكرى؛ عندما يحضر ذكر عبدالعزيز مشري لا أ تذكر الإبداع فقط، بل أتذكر ألمه الذي لم يتركه طرفة عين من أيام صباه، فقد داهمه مرض السكر في صغره، وقضى أيام شبابه في شراك الفشل الكلوي، وصولات وجولات مع ارتفاع السكر وانخفاضه، ثم العمى وبتر الأطراف وبين ذلك يغور في فترات برزخية بين الحياة والموت!

الآن أتذكر سطورًا في روايته الأخيرة “المغزول” الرواية المسطرة بألم ونزيف لا ينتهي.

مشري صاحب الرصيد الجميل والآثار المدهشة في عالم السرد، ترك إبداعًا لا ينسى فليس بغريب أن يأتي بعجيب السرد في اللحظات الأخيرة من عمره، يسطرها بعمق حتى أننا نشعر بروح تطوف وترفرف فوقنا حال قراءتنا لهذه الرواية ليسحقنا في آخر عبارة له وهو يحكي عن “زاهر” الساقط من سريرة الأبيض كائنًا بلا أطراف ينتظر رحمة الممرض الذي حمله: ” كحشرة بلا قدمين ووضعه في السرير”.

أخيرًا؛ لقد طبعت أعمال عبدالعزيز مشري الكاملة قبل عقد ونصف في ثلاثة مجلدات أشرف عليها أستاذنا علي الدميني، وكنت فخورًا بامتلاك مجلدين منها، وعجزت عن الحصول على المجلد الثالث، بل فقدت الآخر بعد ذلك.

أتصور بأن نتاج مشري هو إضافة حقيقية للمدونة السردية العربية، وليس المحلية فقط، فقد كتب أعمالا تستحق أن تبقى، أن تخلّد، أن يطّلع عليها هذا الجيل، ليعرف بأنه كان هناك مبدع احتضنته الأمراض منذ أن كان صغيرا، وفقد بصره وأطرافه، ورغم ذلك كان يكتب، ويكتب، ويكتب، لأنه مؤمن بأن الكتابة معناها أن تبقى في التاريخ.

الذي أرجوه وهو ليس ببعيد, هي مبادرة ووقفة نبيلة من وزارة الثقافة لتبني نشر أعمال عبدالعزيز مشري الكاملة، ونحن نستبشر بوزارة الثقافة ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة، كون أعمال مشري إرث أدبي وطني أصيل وعريق، يستحق الإحياء والنشر.

المغزول… لا بواكي له
طاهر الزهراني

مشاركة:

اقسام المدونة